ابو الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)

ابو الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)
إن أبا الامام علي (عليه السلام) هو سيد العرب وشريف عشيرته، ينحدر نسله من الأشراف الذين يلجأ إليهم الضعيف ويستجير بهم الخائف.. وهو أبو طالب بن عبد مناف بن المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن إسماعيل ابن النبي إبراهيم (عليه السلام)، وهو مؤمن قريش الذي شهد له التاريخ برعايته لرسول الله(عليه السلام) والدفاع عنه، وقد قدم من اجل ذلك كل غالٍ ونفيس، وقد اشتهر عنه شعره وقصائده التي يعلن فيها ـ واضحا ـ إيمانه وتفانيه وإخلاصه في الذود عن الرسول الكريم (صلى الله عليه واله) ودعوته المقدسة.

واسم ابي طالب (عبد مناف) وعبد المطلب اسمه شيبه بن هاشم، واسمه عمر بن عبد مناف واسمه المغيرة بن قصي واسمه زيد بن كلاب بن مره بن كعب[1].

ولد ابو طالب قبل النبي (صلى الله عليه واله) بخمس وثلاثين سنة، وكان من حكام قريش وساداتها ومرجعها في الملمات[2].

ولما مات عبد المطلب جد رسول الله (صلى الله عليه واله) اوصى بالنبي (صلى الله عليه واله) الى ابنه ابي طالب فكفله واحسن تربيته وسافر به الى الشام فقد كان عبد الله ابو رسول الله (صلى الله عليه واله)وابو طالب اخوان لأب وام . امهما فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عبد عمران بن مخزوم[3] .

ولقد كان أبو طالب (عليه السلام) من وجهاء مكة، قد جمع أصالة النسب وطيب السريرة، ورويت عنه كرامات عظيمة أجراها الله تعالى على يديه قبل بعثة رسول الله (عليه السلام)، منها ما ورد ان ارض مكة قحطت باحتباس المطر عنها، فإذا قريش قد اجتمعت وارتفعت ضوضاؤها، فقائل منهم يقول: اعبدوا اللات والعزى، وقائل منهم يقول: اعبدوا المناة الثالثة الأخرى، فقام إليهم رجل منهم من أهل الكتاب يقال له ورقة بن نوفل فقال: يا معشر قريش، أين تذهبون وأنى تؤفكون؟ فيكم بقية إبراهيم (عليه السلام) وسلالة إسماعيل، فقالوا: كأنك تعني أبا طالب، فقال: أجل. فلم نلبث إذ خرج علينا أبو طالب من دار نسائه وعليه حلة خضراء .. فقاموا إليه بأجمعهم.. وقالوا: يا أبا طالب قد قحطت البلاد وأجدبت العباد، فهلم فاستسق بنا. فقال: نعم موعدكم دلوك الشمس وقت هبوب الريح - يعني بالدلوك الزوال- فلما زالت الشمس، فإذا بأبي طالب قد أقبل نحو الكعبة، وحوله الغيلمة من بني عبد المطلب، وفي وسطهم غلام كأنه شمس - يعني رسول الله (صلى الله عليه واله)- فأقبل أبو طالب حتى أسند ظهره إلى الكعبة، ثم رمق السماء بعينه ولاذ بإصبعه وحرك شفتيه، ونضنضت الاغيلمة حوله كذلك، وما في السماء يومئذ غمامة صغيرة، فأقبل السحاب من هاهنا وهاهنا، ونما ودنا،ثم جرى جريا عظيما حتى ملأ الوادي وأخصب البادية)[4].

فأبوه فقد تواترت الروايات على كونه قد آمن بدين ابن أخيه وناصره وآزره وكان يتكتم[5]على أمر ثبوته في أيامها الأولى ويحدثنا التاريخ أن أبا طالب شاهد علياً لأول مرة يصلي فسأله: ما هذا الذي أنت عليه يا علي؟

فأجابه يا أبت أني أمنت بالله وبرسوله وصدقته فقال له: (يا بني أما انه لا يدعو إلا إلى خير فألزمه)[6] لا بل روي أيضاً أنه رأى ولده علي يصلي مع النبي(صلى الله عليه واله) فقال لابنه جعفر الذي كان حاضرا: صل جناح ابن عمك يا بني[7]وقد توفي هذا الوالد البار قيل هجرة الرسول إلى المدينة بثلاثة سنين وأربعة أشهر[8] فبكاه الرسول بكاءً شديداً ثم أمر بتغسيله وتكفينه ودفنه وآخر ما قاله في حقه Sad

رحمك الله وجزاك الله خيراً يا عم)[9] لما أسداده للإسلام من يد بيضاء وخدمة جليلة .. وبناء على ما تقدم فإن علياً (عليه السلام) هو سليل أسرة عريقة في الإيمان والنسب والسيادة والشرف لم يعرف العرب أعز منها ولا أنبل[10] .

--------------------------------------------------

[1] المسعودي ، ابو الحسن علي بن الحسين (ت346هـ-956م) . مروج الذهب ومعادن الجوهر ، تحقيق : محمد محي الدين عبد الحميد ، ط3 القاهرة 1958 ، 3 / 174 ؛ السمعاني ، ابو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي (ت562هـ-1166م) ، الانساب ، تحقيق : عبد عمر العارضي، مؤسسة الكتب الثقافية ، دار الجنان ، بيروت ، 1409هـ-1988م ، 1/24-25 .

[2] الآلوسي ، محمد شكر البغدادي ، بلوغ الأدب في معرفة احوال العرب ، ط3 ، القاهرة ب.ت ، تصحيح محمد بهجة محمد الأثري ، 1/ 344 .

[3] ابن هشام ، ابو محمد عبد الملك بن ايوب المعافري (ت218هـ-833م) . السيرة النبوية ، تحقيق : طه عبد الرؤوف سعد ، دار الجيل ، بيروت ، ب.ت ، 1/ 164 . ينظر: حمد محمد نصيف المحمدي, العدالة والقضاء في عهد خلافة علي بن ابي طالب (عليه السلام) (35-40هـ/ 655-660م ), رسالة ماجستير في بغداد سنة: 2004م.

[4] مستدرك الوسائل، الميرزا النوري: 6 / 207 .

[5] وقد مثله الصحابي عبد الله بن عباس بأصحاب الكهف كونهم اسروا أيمانهم، أمالي الصدوق: 250 النجف 1970.

[6] ابن ابي الحديد: 4 /206.

[7] عبد المجيد لطفي/ الإمام علي (عليه السلام) رجل الإسلام المخلد: 31 النجف 1967.

[8] المعارف: 54 سبق ذكره، الملاحظ أن عدداً من أعلام السلف الصالح تصدى للرد على المشككين في إيمان ابو طالب تطرق الشيخ الأميني في كتابه الغدير إلى ذكر 19 مؤلف منهم فراجعه ص: 401 ـ 403 طبعة 1967 أن وددت التوسع، وكان هدف أولئك المشككين الذين ساروا في ركاب السلطات الاستكبارية وبالأخص منهم القابضون على السلطة في العهد الأموي النيل من مكانة الإمام علي (عليه السلام) والطعن في البيت الذي أنجب علياً فتأمل.

[9] الشبلنجي/ نور الأبصار: 13 سبق ذكره.

[10] ينظر: القاضي فاضل عباس الملا الإمام علي (عليه السلام) ومنهجه بالقضاء الناشر: العتبة العلوية المقدسة ــ قسم الشؤون الفكرية والثقافية الطبعة: الأولى تاريخ الطبع: 1432هـ ــ 2010م.

» ام الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)
» كنية الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)
» اسلام الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)
» بعض صفات الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)
» زوجات الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)